نبذة


             
شهد العالم العربي منذ مطلع الألفيَّة الثالثة تحوُّلات وتغيّرات متسارعة ومكثَّفة، تركت آثارها في اتجاهات متعدِّدة، شملت مجمل المشهد العربي: سياسيَّاًّ واقتصاديَّاً واجتماعيَّاً وثقافيَّاً وإعلاميَّاً. وتفاعلت مع الأحداث الكبرى التي شهدها العالم في الأعوام الماضية من عمر الألفيَّة وسيرورتها ومآلاتها؛ وعلى رأس ذلك أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والحرب على العراق (2003)، وما سمي بـ "الحرب على الإرهاب"، وما اصطلح عليه بـ "الربيع العربي"، وأحداث غزة، وتحوّلات القضيَّة الفلسطينيَّة، والسيناريوهات المتوقعة لها، والثورة الرقميَّة، والإعلام الجديد، وجائحة كورونا، والحرب الروسيَّة الأوكرانيَّة، وتغيُّرات المشهد الإقليمي، وتبدُّلات خريطة التحالفات والمحاور، والأزمات الاقتصاديّة العالميَّة، وغيرها.  كلُّ ذلك وَجَدَ صداه ماثلاً في الخطاب العربي: في بنيته، وأشكاله، ومضمونه، ومفاهيمه، ورؤاه، وتطلُّعاته.  وكان سؤال "البحث عن المستقبل" سؤالاً مركزيَّاً في هذا الخطاب؛ ذلك أنَّه يتَّصل بالكينونة والوجود والدور والحضور والتحديَّات والفرص والتأثير والمسارات المتوقَّعة.
إنَّ المستجدَّات والتحوُّلات التي شهدها العالم العربي منذ مطلع الألفيَّة الثالثة سيكون لها تأثيرات سياسيَّة واقتصاديَّة واجتماعيَّة وثقافيَّة وبيئيَّة على اقتصاديَّات الدول واستقرارها السياسي، كما أنَّها ستؤثِّر في شكل النظام العالمي وتأثيره، وسيترتَّب على ذلك تغيُّرات اجتماعيَّة وسياسيَّة وثقافيَّة عميقة تمسُّ حياة الانسان وقد تهدِّد مستقبله،  وعليه، فإنّ الحاجة ماسّة لأن يُقدِّم الباحثون – من مختلف التخصصات والمجالات المعرفيَّة- رؤيتهم لهذه المتغيرات وآفاقها وتأثيراتها، ببحوث ودراسات علمية مستنيرة، تحلل هذه القضايا وتفسِّرها، وتستشرف المستقبل وفقها، كلٌّ حسب تخصصه.
ونظراً لأهميَّة استنطاق الخطاب العربي، وتفكيكه وتأويله، والوقوف على جدليَّة التحوّلات والمآلات فيه، وربطها بالأسباب والنتائج، واستشرافاً لما يمكن أنْ يشي به من ملامح المستقبل العربي واتجاهاته وتجليَّاته في مسيرة الاستئناف الحضاري، تعقد الجامعة الهاشميَّة هذا المؤتمر، الذي يسعى إلى دراسة الخطاب العربي المنْجَز منذ مطلع الألفيَّة الثالثة، وفقاً للآفاق الرحبة التي يتيحها حقل تحليل الخطاب ((Discourse Analysis، الذي أصبحت اللغة معه منبراً للتحاور والإقناع، ومخبراً لصنع السياسات، وصولاً لأقصى درجة من المقروئيَّة لهذا الخطاب، وما يرسمه من صورةٍ للمستقبل بتجلياته المختلفة.